الأحد، 17 مارس 2019

الفتوحات الإسلامية في عهد الخلفاء الراشدين-الجزء الثاني

الفتوحات الإسلامية في عهد الخلفاء الراشدين-الجزء الثاني





-فتح بيت المقدس 16هـ / 637مـ

انفتح الطريق بعد اليرموك إلى فلسطين، فاتجه عمرو بن العاص إليها، فقام بفتح مدنها الواحدة تلوالأخرى، ولم يبق سوى بيت المقدس. أما بيت المقدس فتوجه إليه عمرو وحاصرها أربعة أشهر ولم ينقطع خلالها القتال بين المسلمين والروم، ولما وصل أبوعبيدة تولى الحصار بنفسه، فلم يلبث أهل بيت المقدس بعدها إلا قليلاً حتى طلبوا الصلح على مثل ما صالحت عليه مدن بلاد الشام، غير أنهم اشترطوا أن يتولى عقد الصلح الخليفة عمر بن الخطاب . فقدم عمر ، وكتب لأهل بيت المقدس الصلح وتم فتحها في ربيع الآخر سنة 16 هـ

-فتح الجزيرة 

كانت بعض مدنها تابعة للفرس، وبعضها تابعة للروم، ومعظم سكانها من النصارى وقد وجه إليها عمر سنة 18 هـ عياض بن غُنْم، فاستطاع أن يفتح معظم مدنها، بعضها عنوة والأخرى صلحاً

-فتح جزيرة قبرص 28هـ / 649مـ

تطلع المسلمون إلى السيطرة على إقليم البحر المتوسط لأهميته، فكتب معاوية بن أبي سفيان إلى الخليفة عثمان بن عفان يستأذنه في إنشاء أسطول إسلامي، فوافق الخليفة على ذلك*، وتنفيذاً لهذه المهمة بنى معاوية دوراً لصناعة السفن في عكا وصور وطرابلس. وفي سنة ) 28 ه( ركب معاوية البحرمن عكا، وفي الوقت نفسه توجه قائد أسطول مصر عبدالله بن أبي السرح من الإسكندرية إلى قبرص،والتقى الأسطولان في الجزيرة، وأسرع حاكم جزيرة قبرص إلى التسليم، وعقد صلحاً مع معاوية تنص شروطه على : 

1)  أن يكون أهل قبرص عوناً للمسلمين، وأن لا يعينوا الروم أبداً.

2) تقديم جزية للمسلمين مقدارها 7200 ديناراً سنوياً.

(ثالثاً ميادين القتال مع الروم في مصر و شمال إفريقيا)

-فتح مصر

علل : ضم المسلمين لمصر ؟

ج : لضمان استقرار المسلمين بفلسطين كما أن إعتناق أهلها للإسلام قوة للمسلمين

لمّا جاء الإذن لعمرو بن العاص بفتح مصر اتجه نحوها على رأس قوة مكونة من أربعة آلاف مقاتل أواخر سنة 18 ه/ 639 م. متنقلا من نصر إلى نصر، ففتح رفح والعريش والفرما واستولى عليها، واستمر في تقدمه ففتح مدينة بلبيس وقرية )أم دنين( ثم زحف المسلمون بعد ذلك على حصن بابليون وحاصروه عدة أشهر، وصلت خلالها الإمدادات التي أرسل في طلبها عمرو بن العاص من الخليفة عمر بن الخطاب فبلغ عدد جيش المسلمين 12 ألف مجاهد على رأسهم كبار الصحابة رضوان الله عليهم ومن بينهم الزبير بن العوام، وعبادة بن الصامت، والمقداد بن الأسود، ومعاوية بن حديج وغيرهم رضى الله عنهم. وتقدم عمرو بالجيوش ففتح حصن بابليون في سنة 20 هـ/ 640 م.


-فتح مصر :-

ثم وجه عمرو الجيوش لفتح مدن متعددة في مثل : الفيوم وبوصير، وغيرها. ثم استأذن عمروالخليفة في فتح الإسكندرية فأذن له، فحاصرها لمدة ستة أشهر وقعت خلالها عدد من المعارك بين الطرفين

ثم تمكن المسلمون من فتحها، وفرضوا على أهلها الجزية، وذلك في سنة 21 هـ ومن أهم أعمال عمرو بن العاص في مصر اختياره موقع الفسطاط، لتكون عاصمة جديدة لمصر بدلا من الإسكندرية، حيث بنى أول جامع فيها سُمَّي جامع عمرو بن العاص

-فتح ليبيا :-

أراد عمرو بن العاص بعد فتح الإسكندرية أن يستأصل نفوذ الروم من شمال إفريقية فاخترق الصحراء حتى وصل إلى برقة (ليبيا) ففتحها، وصالح أهلها على الجزية، ثم وجه عمرو عقبة بن نافع حتى بلغ زويلة ومن بعدها طرابلس، وتم فتحهما بعد حصار ومقاومة عنيفة

وهنا كتب عمرو إلى الخليفة عمر بن الخطاب يستأذنه في فتح إفريقية تونس إلا أن الخليفة نهاه عن دخولها ؛ خوفاً على جيوش المسلمين من أن تنساب في هذه المناطق الشاسعة وهي لم تزل في حاجة إلى توطيد نفوذها في البلاد التي استقرت فيها حديثاً كبلاد الشام ومصر. فعاد إلى مصر واستخلف على ليبيا عقبة بن نافع.

-فتح إفريقية (تونس) :-

في سنة 27 هـ استأذن عبد الله بن أبي السرح والي مصر وليبيا، الخليفة عثمان بن عفان في فتح إفريقية فأذنله، فجهز ابن أبي السرح جيشاً مكوناً من 20 ألف مجاهد، وسار بهم حتى وصل إلى مكان يقال له )عقوبة( في منطقة القيروان، فالتقى هناك بجيش الروم المكون من 120 ألف مقاتل بقيادة )جرجير( والي تلك البلاد من قبل الروم ودارات بين الفريقين معركة حامية لم تسفر عن نصر حاسم لأي من الجانبين، فأشار عبد الله بن الزبير على عبد الله بن أبي السرح أن يقسم جيشه إلى فريقين : فريق يقاتل الروم إلى منتصف النهار، فإذا أنهكته الحرب وضع سلاحه، ليحل محله الفريق الثاني الذي يواصل القتال إلى الليل. وبهذه الخطة حقق المسلمون النصر وهزموا جيش الروم، وقتل عبد الله بن الزبير قائد الروم (جرجير )

-فتح النوبة و السودان :-

كان عمرو بن العاص قد بعث جيشاً بقيادة عقبة بن نافع إلى بلاد النوبة التي يكوِّن السودان اليوم جزءاً من أراضيها، ولم يتمكن المسلمون من فتحها وفي أثناء ولاية عبد الله بن أبي السرح على مصر غزاهم وفتح مدنهم الواحدة تلو الأخرى حتى حاصر عاصمتهم دنقلة وتم فتحها عام 31 هـ، وقد عقد معهم صلحاً استمر مدة طويلة، وبفتح هذه البلاد اعتنق أهلها الإسلام

-معركة ذات الصواري 34هـ / 655مـ :-

خلال ولاية عبد الله بن أبي السرح على مصر بنى المسلمون في الإسكندرية داراً لصناعة السفن، وجعلوامنها مقراً للأسطول الإسلامي،ولما رأى الروم مدى قوة الأسطول الإسلامي، وضعوا مخططاً لتدمير هذا الأسطول الناشئ، وأخذوا يثيرون سكان المواني؛ ليقوموا بإحراق سفن المسلمين، ثم تحرك قسطنطين بن هرقل على رأس أسطول ضخم مؤلف من خمس مئة قطعة بحرية، لغزو الشواطئ الإسلامية عندئذ أسرع عبد الله بن أبي السرح بأسطول مصر الذي انضم إليه أسطول الشام، وصار تعداده مائتي قطعة، فالتقىالأسطولان في معركة ذات الصواري عام 34 ه ودارت معركة ضارية أظهر فيها المسلمون أروع ضروب الشجاعة والتضحية، حيث استخدموا خطة غير عادية وهي ربط سفنهم بعضها ببعض بسلاسل ثقيلة، فاستحال بذلك على الروم اختراق صفوف المسلمين، كما استخدموا في نفس الوقت خطاطيف طويلة يصيبون بها صواري سفن العدو، ويجرونها إلى جوار سفنهم، فغدت المعركة كأنها معركة برية، وأخيراً مكنهم الله من أعدائهم فدمروا أسطول الروم، وأغرقوا سفنه فحطمت هذه المعركة الحاسمة أسطورة سيادة الروم على البحر المتوسط، ولم يعد يحمل اسم بحر الروم الذي كان يحمله سابقاً، بل أصبح اسمه بحر الشام، كما فتحت هذه المعركة للمسلمين آفاقاً جديدة يتطلعون منها إلى غرب ذلك البحر الذي له أهميته الكبرى.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق